الخميس، 26 نوفمبر 2009

قدسوا صوماً

لماذا نصوم؟
هـــل نــصوم لمجرد أنـه ورد فى الــتقويم ( النتيجة) ، أن الصوم قد بدأ ؟ أو لأن الأسرة كلها قد صامت فلا أبقى شاذ اً ، أو لأن كما لقوم عادة ؟؟
أو خوفاً من الإحراج من أجل سمعته كخادم؟

على جبل التجــلى وقف ثلاثة يضيئون
بنور مجيد و كان ثلاثتهم ممن أتقنوا الصوم ، إذ صام كل منهم أربعين يوماً و أربعين ليلة .
إنهم الســيد المسيح له المجد متى 4 : 2
و مـــوســى خر 40 : 28
و إيـــلـيـــا 1مــل 19 : 18
فهل كان يختفى وراء هذا المنظر البهى معنى هــام ؟؟
و هو إنه بقهر الجسد فى الصوم تتجلى الروح و يتجلى الجسد ؟!
هـــل إختار السيد المسيح معه فى التجلى إثنين من الصوامين ليرينا أن الطبيعة الـتـى ستتجلى فى الأبدية
هى التى قـهرت الجسد بالصوم ؟

الهـــدف من الصــوم :
الصوم كلمة عبرية SUM تعنى إغلاق الفم ، وفى الإنجليزية Fasting، و تعنى
إغلاق الفم عن الطعام و عكسها Break-fast ( الإفطــار ) . . .
و أول صوم كان فى جنة عدن عندما أمر الرب آدم و حــواء بالأكل من كل شجر الجنة ما عدا شجرة معينة تك 2 : 17 وكانت الرغبة فى تذوق ثمرتها ( شهــوة الأكــل ) ، هى السبب فى عصيان الله
وطرد الإنسان الأول من الجنـة .
والصوم هو ليس مجرد حرمان الجسد و إذلاله ، أو هو مجرد إستبدال طعام بآخــر . . .
لأن حرمان الجسد ليس فضيلة فى ذاته ، إنما هو مجرد وسيلة لهدف و هو أن تأخذ الروح مجــالها .
فهل نقتصر على الوسيلة أم ندخل فى الهدف منها وهو إعطاء الروح مجالها ؟؟ . . .
و الهدف السليم إننا نصوم من أجل محبتنا لله ، و من أجل محبـتـنا لله ، نريد أن تكون أرواحنا ملـتصقة
بالله ، و لا نشــاء أن تكون أجســادنا عــائــقـاً فى طريق الروح ، لذلك نخضـعها بالصوم لكى تـتمشـى مع
الروح فى عملها
الصوم ليس مجرد علاقة بين الإنسان و الطعام دون أن يكون الله طرفاً ثالثاً فيها . . .
الصوم الذى لا يكون الله فيه ، ليــس صـــومــاً على
الإطــلاق
!
نحن من أجل الله نأكل لكى ينال هذا الجســـد قــوة يستطيع بها أن يخدم الله و أن يكون أمينـاً فى
واجباته تـجاه النـاس .
و نحن من أجل الله نجــوع لكى نخضع الجسد فلا يُخــطِىء إلى الله ، و لكى يكون الجســ ـد تحت
سيطرتـنـا ، و لا نكون تـحت سيطــرة الجسد ، لكى لا تكون رغبات الجسد ، و شهواته هى قائدتنا
فى تصرفاتنا بل نسلك حسب الروح و ليس حســب الجســد

لمــاذا الطعــام النـبـاتى ؟!
و الصوم من الناحية الجسدية هو إنقطاع عن الطعام فتـرة من الوقت يـعقبـها طعام خــالٍ من الدسـم الحيوانى .
لابــد من فترة الإنقطاع ، لأننا لو أكلنا من بدء اليوم بدون إنقطاع لصـرنا نبـاتــيـيـن ، و ليس صـائمين !
و فترة الإنقطاع عموماً تكون حسب إرشاد أب الأعتراف ، و غالباً ما تكون الساعة الثالثة ظهراً . . .
و لكن لماذا الطعام النباتى ، هو ربنا قال لنا كلوا عدس و فول ؟؟!!
فى البداية خلق الله الإنســأن نباتياً ، فلم يكن آدم و حواء يأكلان فى الجنة سوى النباتات ، و حتى
الحيوانات أيضاً إلى ذلك الحي كانت نباتية تكوين 1 : 30 .
و لذلك كانت أعمار بنى البشر طويلة جداً ، بدأت تتناقص بعد الطوفان (ربما بسبب أكل اللحم ) !
و لم يُصَرح للإنسـان بأكل اللحم إلا بعد الطوفان . . . و من الملاحظ أن الحيوان الذى يأكل النبات
فقط حيوان أليف ، بينما الذى يأكل اللحوم مـتوحش .
كما أن " دانيال النبى " صـام عن أكل اللحوم ، و شُرب الخمـــر ( دانيال 10 : 12 ) ، كما صام مع أصحابه
الثلاثة - و أفطروا بأكل القطانى ( البقوليات ) " دا نيال 1 : 8-16
و كان الطعام النباتى أكل " حزقيال " فى صومه ، فكان يفطر على القمح ( البليلة ) ، و الفول و العدس
و الكرسنة ( الكمون ) حزقيال 4 : 9
و صام " داود " النبى بالزيت و قال " ركبتاى ضعفـتـا من الصـوم ، و لحمى تغير من أكل الزيـــت " مز109 :24
و الطعام النباتى طعام خفيف و مُهدىء ، و قد طالت أعمار النبتيين ، و منهم إنسان ما قبل الطوفان،
و المتوحدون و ارهبان و السواح . . .
كما أن الطعام النباتى يُريح الجسد من مشاكل صحية عديدة مثل السمنة و البدانة و الكولسترول

بعض شروط الصوم :
- بدون رياء :
" متى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين ، فإنهم يغيرون وجوههم ، لكى يظهروا للناس صائمين ، الحق أقول لكم إنهم قد إستوفوا أجرهم ، و أما أنت فمتى صمت فإدهن رأسك ،و أغسل وجهك لكى لا تظهر للناس صائماً ،بل لأبيك الذى فى الخفاء ، فأبوك الذى يرى فى الخفاء يجازيك علانية " متى 6: 16- 18
{ الصوم الذى لمديح الناس و ليس لأجل الله هو صــوم باطل }
2- صوم مقـرون بعمــل الخــيـــر :
" أليس تكسر للجائع خبزك ، و أن تُدخِل المساكين التائهين
إلى بيـتك ، و إذا رأيت عرياناً أن تكسوه " إشعياء 58 : 5-7
3- ممـارســة وســائـط النــعمــة الأخـرى : كالأعتـراف و التناول للعمل على نقاوة القلب من
الداخل ، و ليس الصوم هو مجرد إنقطاع و تغيير طعام فقط ، فنقاوة القلب لا تتعلق بالطعام وحده .
لأنه لو كان الطعام الصيامى هو الذى سيدخلنى السماء ، لسبقتـنا إليها البــهــائم !!
4- الندم على الخطية و العزم على الـتـوبـة : " الصوم مع الشر لا يقبله الله " أر 14 : 12
5- صوم كل أعضـاء الجســــم : صوم عن النظرات الشريرة ، وصوم عما فى أيدى الغير و صوم الرجلين عن التردد على أماكن الشـر ، و صوم اللسان و الأذن عن الكلام الشرير .
6- رد حــقــوق الغيـر : رد الحقوق و عدم ظـــلـــم الغـــيـــر يوئيل 3 : 8 .

المراجع : 1- روحانية الصوم - قداسة البابا شنودة الثالث 2- 120 سؤال عن الصوم - دياكون ميخائيل مكس

الأحد، 22 نوفمبر 2009

نفسى أين أنت ِ ؟

هاجمتنى مرة أخرى ، تلك الأفكار المعهودة . . . .
تحــــركت نفســى طالبة الإنـســــياق لها . . . . . . .
هيا إلى الخطية . . . هكذا كانت تلك الأفكار تدعونى
بإلحاح . . .
أردت أن أُطيع تلك الأفكار و كأننى قد أصبحت لها عبداً .
و لكن عــيـــنــــان كانت ترقبانى !
نظراتها ليست سهلة . . . هى ليست نظرات قاسية . . . بالعكس كلها حُب و حنان. . ولكنها ليست سهلة .
أردت أن أُدير وجهى عن هاتين العينين و لكنها كانت فى كل إتجاه تنظر إلىَّ . . . . .
كيف أهرب من تلك النظرات ، من هاتين العينين ؟؟
إنهما نفس العينان اللتان صعدا بهما على الصليب . . . .
مـــا أجــــملهمــا على الصليب . . . عينان متعبتان ، يكاد أن يفتحهما بصعوبة من شدة الألم . . .
هاتان العينان كانتا تعاتبانى . . . تؤرقانى فى نومى ، كلاماً كثيراً كانتا تنطقان به .
و كأنما تقول ، كل هذا من أجلك فهــل تـقـبلنى ؟؟
و كأنما هما نفس العينان اللتان عاتبتا بطرس لشكه . . .
نعم فأنا لم أختلف عن بطرس ، فعندما أخطأت . . . شككت فى وجوده ، و إلا ما أستطعت أن أُخطىء . . .
لم أتمالك نفسى من البكاء ، عندما سمعته ينادى على بطرس و كأنه ينادى علىّ َ أنا شخصياً قائلاً : أتــحــــبـنى أكثر من هؤلاء . . .
لم أتمالك نفسى إلا و أنا أجيبه بكلمات متهدجة : نعم يا رب أحبك ...
أحست بالسؤال يتكرر علىَّ بعدد مرات إنكارى له . . . عدد المرات التى أخطأت فيها و طعنته بالحربة فى جنبه ،
و حسبت أن أحداً لم يرانى
بسبب هاتين العينين ، أخذت أُلملم أشلاء نفسى التى تبعثرت أمام جبال الخطايا ، و تلال الكراهية و الحقد . . .
تضاءل العالم كله بأطماعه و بريقه أمام عـينىّ . . ..
أصبحت عيناه هى فقط ما أريد أن أنظره و أشتـهـيه و كأننى أكرر تحت ظله أشتهيت الجلوس . . .
إنسكبت الدموع رغماً عنى . . . و كأننى أتذوق مذاق الدموع لأول مرة . . .، إستعذبت الدموع
و قلت له . . . أعطنى يا رب ينابيع دموع كثيرة كما أعطيت فى القديم للمرأة الخاطئة ،
إعطنى ينابيع دموع كثيرة لأبكى على كبريائى و غضبى و قسوتى و طمعى . . .
على نجاستى و تقصيرى و أخطاء اللسان و القلب و الفكر . . . على عدم محبتى لك و للناس . .
إجعلنى مستحقـاً أن أبل قدميك اللتين أعتقتانى من طريق الضلالة لأقدم لك طيباً فائقاً ، و أقتنى
لى عمراً نقياً بالتوبة . . .
جــففت دموعى . . . رفعت قلبى فى صلاة طويلة . . . لم أدرى كم من الوقت قد مـر
فأمام هذا السحر الذى يشع من عينيه لا تشعر بالزمان و لا المكان . . .
بين أحضانه إرتميت فأحسست و كأن يده تربت على كتفى و هو يقول لى لا تخــف .
ســاعتها أحسست أننى ممتلىء فرحاً . . . . كلمته قائلاً
عـجيب أنت فى حبك . . .
تمزج دموع توبتى بدموع فرحى . . .
تحول مرارتى إلى عذوبة . . .
و سقوطى إلى نصــرة . . . !
تهبنى عمل روحك النارى . . .
لا أعود أخاف من الخطية و لا أرهب عدو الخير . . .
ما دمت أنت عضدى بدونك أهلك و بك أنتصــر . . . .
توبنى يار ب فأتوب
Samir Karam

الجمعة، 20 نوفمبر 2009

عريانا خرجت من بطن أمى



يولد كل منا و قبضتا يديه مغلقتان وعلى استعداد للأستيلاء و العدوان و لكن عندما نغادر هذه الدنيا تكون أكفتنا منبسطة ومفتوحة ، لأنه لم يعد على الأرض مانحتاجه أو مانستطيع أخذه معنا
فعضلات قبضة اليد هى العضلات الأرادية الوحيدة التى يمكن للطفل عند ولادته من ضمها
ولذا يقول القديس بولس الرسول:
"إننا لم ندخل العالم بشىء و واضح إننا لن نخرج منه بشىء"1تيموثاوس6: 7
و قال أيوب الصديق "عريانا خرجت من بطن أمى وعريانا أعود إلى هناك"أى1 :21
و قداسة البابا شنودة الثالث فى قصيدة تائه فى غربة يقول :
قد دخلت الكون عريانا فلا قنية أملك فيه أو غنى
وسأمضى عارياً عن كل ما جمع العقل بجهل وإقتنى
عجبا هل بعد هذا نشتهى مسكناً فى الأرض أو مستوطناً؟


وبينما نردد فى المزمور "الرب راعى فلا يعوزنى شىء . . . . . ."، ننظر حولنا فنرى صراعات دامية و حروب طاحنة ، نرى من يتقاتلون من أجل منصب أو مال أو سلطان
الكل يريد أن يمتلك أكثر ، يظل يجمع و يجمع إلى مخازن كما فعل الغنى الغبى
يظل يقول لنفسه . . يا نفسى كلى وأشربى إلى أن يصطدم بالحقيقة المُرة وهى أن نفسه هذه التى أشتهت وأكلت
وشبعت تؤخذ منه .
داود النبى عندما كان ملكاً غنياً فهم الأمور على حقيقتها فقال "أما أنا فمسكين وفقير" مز69
ياللعجب ماذا ينقصك يا داود مال أم جاه أم سلطان ؟
لكن النبى داود لم يكن فقيرا حسب العرف البشرى و لكنه حقاً لا يملك شيئاً بحسب النظرة الروحية السليمة .
و سليمان الحكيم الذى أختبر كل ما تشتهيه الأنفس كان يمتلك المال و السلطة بالإضافة للحكمة وأخيرا قال :
"ومهما أشتهته عيناى لم أمسكه عنهما ، ثم إلتفت أنا إلى كل أعمالى التى عملتها يداى و التعب الذى تعبته فى
عمله،فإذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس
"جا2: 11
دائماً نحن نشكو من كل شىء ، متعبون نعيش عبيد عبيد لذاتنا الأرضية و حتى ان تحققت رغباتنا تلك فإنها
تُشقينا أكثر ، فاللذة تقود إلى طلب المزيد و ليس هناك حد للشبع و المثل الشعبى يقول البنى آدم مايملاش عينه
إلا التراب !
ناسين أن السيد المسيح قال "من يشرب من هذا الماء يعطش"يو4: 13
وعندما يعطش سيسعى إلى الماء مرة أخرى ليشرب و كلما يشرب يزداد عطشاً لهذا الماء الأرضى
و لكن اسمعوا ماذا قال لنا أبونا السماوى : "فلا تطلبون أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا فإن هذه
كلها تطلبها أمم العالم ، و أما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه بل أطلبوا أولا ملكوت الله و هذه كلها
تزاد لكم
" لو12: 29-30
العالم يبيد و شهوته معه . . . . نحن مجرد غرباء على الأرض ـ وستأتى ساعة سنترك فيها هذا العالم
و نترك كل شىء . . . عريانا خرجت من بطن أمى و عريانا أعود إلى هناك . . .
كل منا سيترك ما فى العالم من سطوة أو شهرة أو متعة أو مال و يتوسد حفرة كأحقر الناس .
ومهما بلغت فى العالم من سطوة و شهرة و غنى ، فكل هذا لا يمنع جسدك الفانى من التعفن..
"الغنى والفقير يتلاقيان صانعهما كليهما الرب"أم22 : 2
وفى هذا يقول الشاعر إيليا أبو ماضى فى قصيدته الطلاسم :
ولقد قلت لنفسى وأنا بين المقابر
هل رأيت الأمن والراحة إلا فى الحفائر؟
فأشارت : فإذا للدود عبث فى المحاجر
ثم قالت : أيها السائل إنى ..... لست أدرى؟
أنظرى كيف تساوى الكل فى هذا المكان
وتلاشى فى بقايا العبد رب الصولجان
وألتقى العاشق والقالى فما يفترقان
أفهذا منتهى العدل . . . فقالت لست أدرى ؟
لا تطلب شيئاً من العالم لأن العالم أفقر من أن يعطيك ، ليس فى العالم إلا المادة والماديات ، وأنت يجب أن تبحث عن الروحيات ، عن السماويات عن الله .
ردد مع الرسول بولس "أما أنا فقد خسرت كل الأشياء و أنا أحسبها نفاية لكى أربح المسيح"فى3: 8
لسنا نريد شيئا من العالم لأن هناك من نطلب منه هناك الله الغنى القوى الذى وجدنا فيه كفايتنا و لم يعوزنا شىء
أنه يعطينا قبل أن نطلب هو الذى يعطينا النافع و الصالح لنا هو الذى أحبنا إلى المنتهى و بذل نفسه عنا
أختم بقصيدة ظريفة قرأتها ل صلاح جاهين يقول فيها
ضريح رخام فيه السعيد إندفن
وحفرة فيها شريد من غير كفن
مريت عليهم قلت ياللعجب
الأتنين ريحتهم فيها نفس العفن
و عجبى ...
سمير كرم